loading...

التحكيم في العقود الإدارية

التحكيم في العقود الإدارية

الحمد لله نحمده،ونستعينه،ونستهديه،ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين  e ([1])فاللهم صلي وسلم عليه وعلى آله وصحبه وسلم    
 أما بعد
فقد حظيت نظرية العقد الإداري بالدراسات والبحوث العديدة لأهميتها والتي تأتي من الخصائص التي تميز العقد الإداري عن العقود الأخرى.
ففي العقد الإداري تظهر سلطة جهة الإدارة وهيمنتها في العقد،وعلو إرادتها على إرادة الطرف المتعاقد معها.

ويعود السبب في ذلك إلى أن هدفها الأصيل عند إبرامها العقد هو الصالح العام.
لذلك وضع القضاء الإداري،سواء الفرنسي أو المصري،قواعد قانونية قائمة بذاتها تحكم العقود الإدارية المختلفة عن القواعد التي تحكم العقود الخاصة،وتتفق مع طبيعة قواعد ومبادئ القانون الإداري،الذي يهدف إلى سير المرفق العام بانتظـام


واطراد وتحقيق التوازن بين مصلحة الجماعة ومصلحة الأفراد،مع الأخذ بعين الاعتبار تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
فالعقود الإدارية تتجلى فيها امتيازات السلطة العامة،والتي لا نظير لها في علاقات الأفراد فيما بينهم نظرا لمقتضيات سير المرافق العامة.
لذلك كانت العقود الإدارية تختلف اختلافًا جوهريًّا عن عقود القانون الخاص التي تبرمها الإدارة ذلك لأن هذا النوع الأخير من العقود تحكمه من الناحية الموضوعية قواعد القانون الخاص،ويسري عليه -كقاعدة عامة- ما يسري على العقود التي يبرمها الأفراد فيما بينهم([2]).
لهذه الاعتبارات وغيرها فإن الدول الآخذة بازدواج القضاء خصصت قضاءً إداريًّا مختصًّا في نظر المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية بصفة خاصة والمنازعات الإدارية الأخرى بصفة عامة، تابعا للسلطة القضائية في الدولة، فهو وسيلة من الوسائل التي تفض فيها منازعات العقود الإدارية.
ولا يعتبر القضاء الإداري الوسيلة الوحيدة للفصل في منازعات العقود الإدارية، فهناك وسائل أخرى للفصل في منازعاته،كون منازعاته يسري عليها ما يسري على المنازعات الأخرى من حيث الفصل فيها وإنهائها،حيث إن المنازعات بصفة عامة يتم نظرها والفصل فيها بثلاث طرق:
الطريق الأول:طريق رسمي؛ وهو إنهاء المنازعة عن طريق القضاء باعتباره سلطة تابعة للدولة.
الطريق الثاني:الصلح الذي يتوصل إليه الخصوم، بتنازلهم عن بعض مطالبهم.

الطريق الثالث:التحكيم الذي يتم فيه نظر المنازعة والفصل فيها،بتولية المتنازعين حكمًا يرتضيانه ليحكم بينهما.                                  
ويعتبر هذا الطريق وهو التحكيم قضاء غير رسمي يقف بجانب القضاء،كما أنه يعد تنظيماً قضائياً تشرف عليه الدول من ضمن تنظيماتها القضائية.
والتحكيم من أقدم الوسائل لحل المنازعات منذ قديم الزمن؛فقد نشأ قبل الدولة، فهو قديم قدم المجتمعات حيث كان سائداً في المجتمعات القبلية باعتباره الأداة الفردية للتسوية الودية للمنازعات عن طريق الغير، وكان عُرفا في المجتمعات الفرعونية واليونانية والرومانية([3]).
وكذلك كان التحكيم معروفاً لدى العرب في الجاهلية قبل الإسلام،فكان الأفراد يلجئون في فض منازعاتهم إلى من اشتهر عنهم التحكيم ،كعبدالمطلب جد رسولe وتميم بن صيفي و الأقرع بن حابس ويعمر الشداخ وهند بنت الحسن و صخر بنت لقمان وغيرهم([4]).
وكان الناس قبل الإسلام يحتكمون إلى رسول الله e ،فقد روى الربيع بن خيثم أنه قال:"كان يُتَحاكم إلى رسول e في الجاهلية قبل الإسلام"([5]).
أما التحكيم في الإسلام،فقد وردت النصوص الشرعية التي تدل على مشروعيته،فنص القرآن الكريم على مشروعية التحكيم؛فقال تعالى:{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ


 يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } ([6])،وقال تعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً } ([7]).
فالآيتان دلتا على أن التحكيم أمر مشروع إليه، سواء كان هذا التحكيم في منازعات وخصومات ذات طبيعة عامة أو كانت هذه الخصومة والمنازعة ذات طبيعة خاصة كما في المنازعات التي تنشأ بين الزوجين.  
وكذلك دلت السنة النبوية على مشروعية التحكيم،فقد حكَّم رسول الله e سعد بن معاذ رضي الله عنه في بني قريظة ([8]).


وقد عمل الصحابة رضوان الله عليهم بالتحكيم وجعلوه وسيلة لفض المنازعات الناشئة بينهم.
فإن عمر تحاكم هو وأبيا إلى زيد بن ثابت رضوان الله عليهم([9])،وكذلك حكَّم جبير بن مطعم بين عثمان وطلحة رضوان الله عليهم([10])،كما حدث التحكيم بين علي بن أبي طالب ومعاوية رضي الله عنهما في معركة صفين([11]).
ومما يدل على أهمية التحكيم لدى الصحابة،رضوان الله عليهم ،أنهم أجمعوا عـلى

جواز التحكيم ومشروعيته،وعملوا به واشتهر ذلك ولم ينكره أحد منهم([12]) .
أما في الوقت المعاصر فإن التحكيم يلعب دوراً هامًا في الفصل في المنازعات،  فقد أخذت القوانين المعاصرة بمبدأ التحكيم-بجانب القضاء الرسمي- لفض المنازعات بعيدا عن القضاء وإجراءاته الطويلة،وانتظار جلساته التي تأخذ وقتا طويلا نوعا ما بسبب وجود كم هائل من القضايا سواء كان نطاق التحكيم في منازعة تجارية أو عمالية أو أسرية وغيرها.
إلا انه ونظرا لاتساع التعاملات الاقتصادية وحاجة الدول إلى جذب رءوس الأموال الأجنبية وتشجيع الاستثمار،ومع زيادة العقود التي تبرمها جهة الإدارة لتسيير مرافقها،فإن التحكيم قد امتد فشمل كذلك المنازعات التي تنشأ من العقود الإدارية فأصدرت الدول القوانين المنظمة للتحكيم في العقود الإدارية.
ففي المملكة العربية السعودية عَرف النظام السعودي التحكيم -كغيره من الأنظمة المعاصرة-،واتخذه وسيلة من وسائل فض المنازعات انطلاقًا من مشروعيته في الإسلام.


فالتحكيم يحتل مكانة خاصة في النظام السعودي في كافة المنازعات، والتي منها منازعات العقود الإدارية، والتي يختص بنظر المنازعات الناشئة عنها ديوان المظالم.
إلا أن أهمية التحكيم في منازعات العقود الإدارية تبرز لوجود العديد من التعاقدات في الوقت الراهن التي تبرمها جهة الإدارة في المملكة مع العديد من المتعاقدين الوطنيين أو الأجانب لسير المرافق العامة،خاصة عقود الامتياز مع الشركات الأجنبية،والتي تؤدي دوراً فاعلاً في الاقتصاد السعودي.
كل ذلك يبرز ضرورة وأهمية تتبع التطورات المختلفة في النظام السعودي في هذا الخصوص، خاصة أن الدراسات في هذه المسائل لا زالت دراسات أولية لم تعط للموضوع أهميته.
وفي مصر فإن مجلس الدولة المصري الذي أرسى القواعد والنظريات المنظمة للعقود الإدارية قد مر في هذا الشأن بتطورات مختلفة خلال عقود ستة منذ إنشائه بالقانون رقم 112 لسنة 1946م حتى صدور القانون رقم 27 لسنة 1972م،كما أن القانون رقم 27 لسنة 1994م قد قلب الموازين فيما يتعلق باختصاص مجلس الدولة المصري بالنسبة للتحكيم في العقود الإدارية،وهذه دراسة جديرة بالتتبع والبحث والتأصيل.
ولأهمية هذا الموضوع فإنه يقتضي منَّي ضرورة التعرف على موقف الفقه الإسلامي من التحكيم في منازعات العقود الإدارية حيث إن هذا الموضوع من الموضوعات الحديثة التي لم يتطرق لها الفقهاء القدامى.
فلأهمية هذا الموضوع رأيت أن يكون ذلك موضوع الرسالة العالمية (الدكتوراه)، وبعد أن استخرت الله عز وجل، قررت الكتابة والبحث في:
(التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي).

أهمية الموضوع :
تبرز أهمية هذا الموضوع-إضافة إلى ما سبق- فيما يلي:
أولا:أنَّ موضوع البحث يعتبر من الموضوعات المستحدثة، والتي بدأت تظهر أهميته على صعيد سن القوانين،أو على المستوى الفقهي القانوني،أو على مستوى القضاء الإداري.
فعلى مستوى القوانين أخذت الدول بإصدار القوانين التي تُعنى بالتحكيم في العقود الإدارية.
كما أن الفقه القانوني، خاصة فقه القانون الإداري أخذ يبلور نظرية للتحكيم في العقود الإدارية.
وكذلك الحال في أحكام القضاء الإداري والتي صارت تراعي أهمية التحكيم في العقود الإدارية، ولأهمية ذلك فقد راعى ديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية ذلك فشكَّل([13])لجنة علمية دائمة لشؤون التحكيم، برئاسة معالي نائب رئيس الديوان تختص بشؤون التحكيم.    
ثانيا:أن هذه الدارسة سوف تبين ثلاثة مواقف من التحكيم في العقود الإدارية.
الموقف الأول:موقف القوانين الحديثة من التحكيم في العقود الإدارية، خاصة المصري والفرنسي باعتبارهما رائدين في القانون والقضاء الإداري.
الموقف الثاني:موقف الفقه الإسلامي من التحكيم في العقود الإدارية ومحاولة تأصيله منه، خاصة وأن الدراسات لتأصيل التحكيم في العقود الإدارية من الفقه الإسلامي تعتبر قليلة.


الموقف الثالث:موقف النظام السعودي من التحكيم في العقود الإدارية نظراً لما لاحظته من ندرة وقلة في الدراسات والبحوث المتعلقة به.
ثالثاً:تبرز أهمية هذا الموضوع من واقع التعاقدات في الوقت الراهن بين جهة الإدارة والشركات الأجنبية الذي زادت فيه عن السابق،والذي يتيح؛أي التحكيم،سهولة تعاقد الطرف الأجنبي مع الدولة والذي يرغب في الغالب الأعم أن يُلْجَأُ إلى التحكيم في حالة نشوء منازعة بينهما.
لذا كان من الضروري دراسة هذا الموضوع ومعرفة حكم لجوء الإدارة إلى التحكيم في العقود الإدارية.
رابعا:من الأمور التي تبين أهمية هذا الموضوع أن التحكيم في هذا العصر قد تطور تطوراً كبيراً فلم يعد حاله كالسابق في نظر المنازعة من قبل شخص أو أكثر بل ظهر العديد من الشخصيات المعنوية على شكل هيئات وغرف تحكيمية لها كياناتها المستقلة ونظامها الخاص مهمتها فقط الفصل في النزاعات،وقد يُنَصُّ في العقود المبرمة بين الأطراف على أنها المختصة في الفصل في المنازعات التي تنشأ بينهم،وقد يُضّمن هذا النص في العقد الإداري،فيكون شرطا في العقد.
الصعوبات التي واجهتني في هذا البحث:
لقد واجهتني بعض الصعوبات التي، ذللها الله عز وجل بفضله ومنته، والتي منها ندرة الدراسات والكتب التي تتناول العقود الإدارية في الفقه الإسلامي،فضلاً عن عدم وجود صورة واضحة عن العقود الإدارية والتحكيم في المنازعات الناشئة عنه
في كتب التراث الإسلامي فالمسائل الفقهية التي تناولها الفقهاء حول العقد الإداري، وحول التحكيم في منازعاته جاءت بشكل عام،فقد جاءت دراستهم وبحثهم حول التحكيم في النزاع بين الزوجين،إضافة إلى أن الكتابات والدراسات


الحديثة في الفقه الإسلامي لم تتطرق إلى التحكيم في العقود الإدارية بشيء من التفصيل.
كما أن الفقه القانوني قد تناول الموضوع بقدر قليل؛ حيث إن دراسة الفقهاء له لم تأت بصورة خاصة للتحكيم في العقود الإدارية، بل كان تناولهم عَرَضاً عند حديثهم عن العقود الإدارية،أو قد تجده في أبحاث ومؤلفات ليست فيها تفاصيل كثيرة،أو في كتابات مفصلة إلا أنها تعتبر قليلة.
وكذلك الحال في النظام السعودي؛فإن غالبية الدراسات والبحوث حول التحكيم تكون دراسات عامة أو حول التحكيم في المنازعات التجارية،ولم أر أي بحث تفصيلي حول التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي،إضافة إلى أن الكتابات والدراسات في العقود الإدارية في النظام السعودي تعتبر قليلة مقارنة بالبحوث والدراسات حول العقود الإدارية في مصر.
ومن الصعوبات كذلك قلة الأحكام الصادرة من ديوان المظالم حول التحكيم في منازعات العقود الإدارية، فإني بعد تتبع وسؤال لم أجد إلا عدة أحكام في دعوى واحدة.
منهج البحث:

لقد قسمت دراسة هذا الموضوع إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول:الجانب القانوني
قمت، بحمد الله،أولا بدارسة موقف القانون بصفة مستقلة؛وذلك حتى تتكون لديَّ ولدى القارئ الكريم صورة من القانون عن المسألة التي سوف أقوم ببحثها،حيث إن الدراسات القانونية بيّنت بصورة واضحة نظرية العقد الإداري والتحكيم في المنازعات الناشئة عنه.

وسوف تكون الدراسة القانونية معتمدة على القوانين المطبقة، والفقه القانوني، والأحكام القضائية، وبصفة خاصة ما توصل إليه كلٌ من الفقه الفرنسي والمصري، مع بيان بعض مواقف القوانين الحديثة.
القسم الثاني:جانب الفقه الإسلامي
بعد أن تتكون الصورة القانونية للمسألة المراد بحثها، ولأن الحكم على الشيء فرع من تصوره، قمت بحمد الله، بتأصيلها من الفقه الإسلامي، حتى ظهر لديّ الحكم في المسألة.
فقمت ببحث المسألة أولا في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية، وعمل الخلفاء الراشدين، وفي المذاهب الفقهية الأربعة المعتمدة، الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي،وآراء المحققين من العلماء والباحثين المعاصرين في الفقه الإسلامي.
القسم الثالث:الجانب التطبيقي من النظام السعودي
في هذا الجانب قمت،بحمد الله تعالى،ببيان موقف النظام السعودي من العقود الإدارية والتحكيم في المنازعات الناشئة عنه،وكيفية تطبيقه لهما،مع توضيح موقف القضاء الإداري السعودي،المتمثل في ديوان المظالم سواء في العقود الإدارية أو التحكيم في المنازعات الناشئة عنه.
وفي نهاية البحث وضعت خاتمة بينت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها في موضوع البحث، وبينت المراجع التي رجعت إليها، وأخيرًا وضعت فهرسا تفصيليًّا لموضوعات البحث.  
وقد حاولت قدر المستطاع أن تكون صياغة البحث سهلة وسلسة، لإيصال الفكرة إلى القارئ الكريم بأوضح وسيلة.
وقد اقتصرت في البحث فيما يتعلق بالموضوع دون الاسترسال في الموضوعات المرتبطة به.

فلن أتناول المسائل التي تتفق مع أي نوع من أنواع التحكيم الأخرى،سواء كان تجاريًا أو غير تجاري؛كإجراءات نظر دعوى التحكيم والنواحي الشكلية فيها والشروط الواجب توافرها في المحكم وخلافه.
حيث إن هذه المسائل سبق طرحها في عدة بحوث ومؤلفات، لذا رأيت عدم الحاجة إلى تكرارها في هذا البحث.
وأود التنبيه إلى أني سوف استعمل في البحث مصطلح (المنظم) أو(المقنن)بدلا من (المشرع)، احتراما وتقديسا لهذا المصطلح حيث إنه خاص بالله عز وجل، فإن القرآن الكريم،والسنة النبوية،إذا وردت فيهما كلمة(شرع) ومشتقاتها فإنهما يسندانها إلى الله عز وجل،قال الله تعالى:{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا
فِيهِ }([14])وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال:"إن الله شرع لنبيكم سنن الهدى"([15]).
لذا سوف اقتصر على المصطلحين الذي بينتهما،ومما يؤيد رأيي في الأخذ بهذين المصطلحين أن مفتى عام المملكة العربية السعودية السابق سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز يرحمه الله قد نبه إلى أن إطلاق لفظ المشرع على من قام بوضع النظام غير



لائق، وبناء على تنبيهه أصدر مجلس الوزراء السعودي قراره رقم 328في 1/3/1396هـ بعدم استعمال كلمة المشرع في الأنظمة ونحوها([16])

خطة البحث

لإيضاح هذا الموضوع، قسمت البحث فيه، إلى فصل تمهيدي وبابين، وبيانهم كالآتي:

تمهيد:
وفيه فصلان:
الفصل الأول:عن مفهوم العقد الإداري في القانون ومشروعيته في الفقه الإسلامي ومفهومه في النظام السعودي.
الفصل الثاني:عن تعريف التحكيم ومشروعيته والنظم التي تشابهه في الفقه الإسلامي والقانون والنظام السعودي.
الباب الأول:عن التحكيم في العقود الإدارية في القانون
وفيه الفصول التالية:
فصل تمهيدي:عن مفهوم المنازعات الإدارية في القانون.
الفصل الأول:التحكيم في العقود الإدارية في القانون.
الفصل الثاني:التحكيم في العقود الإدارية الدولية في القانون.
الباب الثاني:التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظام السعودي
وفيه فصلان:
الفصل الأول:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من الفقه الإسلامي.

الفصل الثاني:التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي.
ثم خاتمة البحث وثبت المراجع وفهرس الموضوعات.
وبعد فهذا البحث ما هو إلا اجتهاد مقل، ومقصر بسب ذنوبه؛ فإن كان فيه من إصابة فذلك فضل من الله الكريم، وإن كان فيه من خطأ أو زلل، فمن نفسي ومن الشيطان.
أسال الله عز وجل أن يغفر لنا خطايانا وزللنا وتقصيرنا، وأن يرحمنا برحمته، وأن
ينفع بهذه الرسالة الإسلام والمسلمين،وأن تكون من العلم النافع الذي يُنْتفَعُ به{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ([17]){رَبَّنَا لاَ تؤاخذنآ إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأنا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ  لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَاْرْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلنَا فاْنصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } ([18]){سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ([19]).
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين....












([1])أخرجه احمد-مسند الأمام احمد-المكتب الإسلامي-بيروت-1969م- برقم3105ومسلم-الجامع الصحيح- تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي-دار إحياء التراث العربي –بيروت-بدون رقم وسنة الطبع-برقم1436والنسائي –سنن النسائي دار الكتاب العربي-بيروت-بدون رقم وسنة الطبع- برقم3226 و ابن ماجه عن ابن عباس-سنن ابن ماجه حققه محمد الأعظمي-شركة الطباعة العربية السعودية- الطبعة الثانية-1404هـ برقم1182و1183والبيهقي- السنن الكبرى-دار الفكر-بدون سنة الطبع- 7/146عن عبد الله بن مسعود والدارمي- دار إحياء السنة النبوية- برقم 2105.
([2])د سليمان محمد الطماوي- الأسس العامة للعقود الإدارية دراسة مقارنة-مطبعة عين شمس-القاهرة-1991م-ص26بتصرف.
([3])د سيد أحمد محمود –التحكيم في الشريعة الإسلامية والقانون الكويتي-الطبعة الأولى-القاهرة-1998م-ص10.
([4])د جواد علي-المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام-دار العلم للملايين-بيروت-1980م-5/635-638.
([5])الطبقات الكبرى لأبي عبدالله محمد بن سعد بن منيع الزهري-دار صادر-بيروت-1377هـ-1/157 .
([6])سورة النساء آية 65.
([7])سورة النساء آية 35.
([8]) جزء من حديث  أبي سعيد الخدري رضي الله عنه لذي قال فيه: (نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ فأرسل e إلى سعد فأتى على حمار فلما دنا من المسجد قال للأنصار : قوموا إلى سيدكم  أو خيركم فقال : هؤلاء نزلوا على حكمك فقال: نقتل مقاتلهم ونسبي ذراريهم قال: قضيت بحكم الله وربما قال بحكم الله ),البخاري  باب يرجع النبيe من الأحزاب عن عائشة رضي الله عنها -مطبعة دار إحياء التراث العربي بدون سنة الطبع- برقم4122 و مسلم برقم1769كتاب الجهاد والسير قتال من نقض العهد عن أبي سعيد الخدري والترمذي تحقيق أحمد محمد شاكر-دار الكتب العلمية-بيروت-بدون سنة الطبع-برقم 3849 عن جابر ين عبد الله الأنصاري رضي الله عنه,وانظر فتح القدير لابن الهمام-المكتبة التجارية الكبرى-القاهرة-1356هـ- 5/498وبدائع الصنائع للكاساني–دار الكتاب العربي-بيروت-الطبعة الأولى-1402هـ- 7/107ونيل الأوطار للشوكاني –دار إحياء التراث العربي-بيروت-1419هـ 8/62.              
([9])انظر شرح منتهى الإرادات للبهوتي- دار الفكر- بدون رقم وسنة الطبع- 12/98 ومطالب أولى النهى في شرح غاية المنتهى لمصطفى بن سعد بن عبده السيوطي الرحيباني-المكتب الإسلامي—دمشق-الطبعة الأولى-1381هـ-19/ 286 ومنار السبيل شرح الدليل لإبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان-المكتب الإسلامي-بيروت-لبنان-1405هـ-2/186.
([10])انظر العناية شرح الهداية لمحمد بن محمود البابري-المكتبة التجارية الكبرى-القاهرة-1356هـ- 9/3 والمجموع للنووي--20/127 والمغني لابن قدامة المقدسي-تحقيق د عبدالله التركي ود عبدالفتاح الحلو- دار هجر-القاهرة-الطبعة الثانية-1412هـ- 23/83 .
([11])انظر تاريخ الطبري-تاريخ الأمم والملوك -دار المعارف-1962م-5/48 و تاريخ ابن كثير البداية والنهاية-مكتبة المعارف-الطبعة الرابعة- 7/261ومروج ذهب للمسعودي-دار الأندلس-بيروت-1981م- 2/375.
([12]) انظر المبسوط لأبي بكر بن محمد السرخسي-دار المعرفة-بيروت-الطبعة الثالثة-1398هـ-21/62والعناية على لهداية لمحمد بن محمود البابري-مرجع سابق-7/113والمنتقى شرح الموطأ لأبي وليد الباجي-مطبعة السعادة –القاهرة-الطبعة الأولى-1332هـ-4/113ومغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج للخطيب للشر بيني- مكتبة مصطفى البابي الحلبي –القاهرة-1958م-4/378. 

([13])قرار رئيس ديوان المظالم رقم 72لعام 1429هـ في 1/4/1429هـ.
([14]) الشورى آية 13.
([15])مسند الإمام أحمد-مرجع سابق- 6/34مسلم-مرجع سابق- 654 وأبو داود -دار الفكر- بيروت- بدون سنة طبع -550.
([16]) د بكر بن عبدالله أبو زيد-معجم المناهي اللفظية- دار العاصمة-الرياض-الطبعة الثالثة -1417هـ -ص509.
([17]) سورة البقرة آية 127.
([18]) سورة البقرة آية 286.
([19]) سورة الصافات الآيات 180و181و182.




شاركها في جوجل+

عن تغيير bounab farouk

0 التعليقات:

إرسال تعليق